للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل حزب فعل ذلك في أهل طاعتهم؛ فهذا عند تفرق الأمراء وتعددهم، وكذلك لو لم يتفرقوا، لكن طاعتهم للأمير الكبير ليست طاعة تامة؛ فإن ذلك أيضاً إذا أسقط عنه إلزامهم بذلك لم يسقط عنهم القيام بذلك؛ بل عليهم أن يقيموا ذلك، وكذلك لو فُرض عجز بعض الأمراء عن إقامة الحدود والحقوق أو إضاعته لذلك؛ لكان ذلك الفرض على القادر عليه.

وقول من قال: لا يقيم الحدود إلا السلطان ونوابه إذا كانوا قادرين فاعلين بالعدل، كما يقول الفقهاء: الأمر إلى الحاكم، إنما هو العادل القادر، فإذا كان مضيعاً لأموال اليتامى أو عاجزاً عنها؛ لم يجب تسليمها إليه مع إمكان حفظها بدونه، وكذلك الأمير إذا كان مضيعاً للحدود أو عاجزاً عنها لم يجب تفويضها إليه مع إمكان إقامتها بدونه.

والأصل أن هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه؛ فمتى أمكن إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين، ومتى لم يقم إلا بعدد ومن غير سلطان أقيمت إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها، فإنها من ((باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) ، فإن كان في ذلك من فساد ولاة الأمر أو الرعية ما يزيد على إضاعتها؛ لم يدفع فساد بأفسد منه، والله أعلم) (١) .

* * *


(١) * ((مجموع الفتاوى)) (٣٤ / ١٧٥ - ١٧٦) .

<<  <   >  >>