للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجزاء الإكرام، ولا يقال: الإكرام حقيقة مطلقة، وذلك يحصل بإطعام لقمة، كذلك إذا قال: (خالفوهم) ؛ فالمخالفة المطلقة تنافي الموافقة في بعض الأشياء أو في أكثرها على طريق التساوي؛ لأن المخالفة المطلقة ضد الموافقة المطلقة، فيكون الأمر بأحدهما نهياً عن الآخر، ولا يقال: إذا خالف في شيء ما فقد حصلت المخالفة، كما لا يقال: إذا وافقه في شيء ما فقد حصلت الموافقة.

وسر ذلك الفرق بين مفهوم اللفظ المطلق وبين المفهوم المطلق من اللفظ، فإن اللفظ يستعمل مطلقاً ومقيداً.

فإذا أخذت المعنى المشترك بين جميع موارده مطلقها ومقيدها كان أعم من المعنى المفهوم منه عند إطلاقه، وذلك المعنى المطلق يحصل بحصول بعض مسميات اللفظ في أي استعمال حصل من استعمالاته المطلقة والمقيدة.

وأما معناه في حال إطلاقه؛ فلا يحصل بعض معانيه عند التقييد، بل يقتضي أموراً كثيرةً لا يقتضيها اللفظ المقيد.

فكثيراً ما يغلط الغالطون هنا، ألا ترى أن الفقهاء يفرقون بين الماء المطلق وبين المائية المطلقة الثابتة في المني والمتغيرات وسائر المائعات، فأنت تقول عند التقييد: أكرم الضيف بإعطاء هذا الدرهم، فهذا إكرام مقيد، فإذا قلت: أكرم الضيف؛ كنت آمراً بمفهوم اللفظ المطلق، وذلك يقتضي أموراً لا تحصل بحصول إعطاء درهم فقط.

وأما القسم الثاني من العموم؛ فهو عموم الجميع لأفراده، كما يعم قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ} (١) كل مشرك.


(١) التوبة: ٥.

<<  <   >  >>