للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكمة في دفنه - صلى الله عليه وسلم - في بيته والفرق بين زيارة قبره وزيارة غيره من المسلمين

(إن سنَّة المسلمين أن يدفنوا في الصَّحراء تحت السماء، كما كان هو - صلى الله عليه وسلم - يدفن أصحابه في البقيع، ولم يدفن أحداً منهم تحت سقف في بيت، ولا بنى على أحدٍ منهم سقفاً ولا حائطاً؛ بل قد ثبت عنه في ((الصحيح)) أنه نهى أن يُبنى على القبور (١) ، وهو - صلى الله عليه وسلم - دُفن في بيته تحت السقف، وذلك لما بيَّنته عائشة رضي الله عنها من أنه لو دُفن في الصَّحراء لخيف أن يُتَّخذ قبره مسجداً (٢) ؛ فإن عامَّة النَّاس لِمَا في قلوبهم من تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - قد يقصدون الصَّلاة عنده، بل قد يرون ذلك أفضل لهم من الصَّلاة في مكان آخر، كما فعل أهل الكتاب حيث اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ورأوا الصلاة عندها أفضل من الصَّلاة عند غيرها لما في النُّفوس من الشِّرك، والَّذين يفعلون ذلك يرون أنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى، وأن ذلك من أفضل أعمالهم، وهم ملعونون، قد لعنهم الله ورسوله؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) (٣) ...


(١) كما في ((صحيح مسلم)) (كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبور، ٩٧٠) عن جابر رضي الله عنه؛ قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُجصَّص القبر وأن يُقعَد عليه وأن يُبنى عليه.
(٢) كما في ((صحيح البخاري)) (كتاب الجنائز، باب ما يُكرَه من اتخاذ المساجد على القبور، ١٣٣٠) عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي مات فيه: ((لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مسجداً)) . قالت: ولولا ذلك؛ لأبرزوا قبره؛ غير أني أخشى أن يُتَّخذ مسجداً.
(٣) انظر الذي قبله.

<<  <   >  >>