للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبادة؛ فإنك لن تجد رجلاً من أهل الدين ترك عبادة أهل الدين ثم لا يدخل في دين آخر إلا صار ديناً له، وتسأل عن العبادة والعبادة هي الطاعة، ذلك أنه من أطاع الله فيما أمره به وفيما نهاه عنه؛ فقد آثر عبادة الله، ومن أطاع الشيطان في دينه وعمله؛ فقد عبد الشيطان، ألا ترى أن الله قال للذين فرطوا: {ألَمَ أعْهَدْ إلَيْكُمْ يا بَني آدَمَ أنْ لا تَعْبُدوا الشَّيْطانَ} (١) ، وإنما كانت عبادتهم الشيطان أنهم أطاعوه في دينهم.

وقال أسد بن موسى: حدثنا الوليد بن مسلم الأوزاعي، حدثنا حسان ابن عطية؛ قال: الإيمان في كتاب الله صار إلى العمل. قال الله تعالى: {إنَّمَا المُؤْمِنونَ الذينَ إذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ... } (٢) الآية، ثم صيرهم إلى العمل، فقال: {الذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقونَ} (٣) ؛ قال: وسمعت الأوزاعي يقول: قال الله تعالى: {فَإنْ تابوا وأقاموا الصَّلاةَ وآتوا الزَّكاةَ فَإخْوانُكُمْ في الدِّينِ} (٤) ، والإيمان بالله باللسان، والتصديق به العمل.

وقال معمر عن الزهري: كنا نقول: الإسلام بالإقرار، والإيمان بالعمل، والإيمان: قول وعمل قرينان، لا ينفع أحدهما إلا بالآخر، وما من أحد إلا يوزن قوله وعمله؛ فإن كان عمله أوزن من قوله صعد إلى الله، وإن كان كلامه أوزن من عمله لم يصعد إلى الله. ورواه أبو عمرو الطلمنكي بإسناده المعروف. وقال معاوية بن عمرو: عن أبي إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي؛ قال: لا يستقيم الإيمان إلا بالقول، ولا يستقيم الإيمان والقول إلا بالعمل، ولا يستقيم الإيمان والقول والعمل إلا بنية موافقة للسنة.


(١) يس: ٦٠.
(٢) الأنفال: ٢.
(٣) الأنفال: ٣.
(٤) التوبة: ١١.

<<  <   >  >>