للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآية (١١٨) -آية اتخاذ البطانة (١) إلى أربعة أمور:

الأول-تأكيد الزجر عن الركون إلى الكفار، وذلك للآية السابقة: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ}.

الثاني-نهي المؤمنين أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء مستشارين أمناء في إبداء الآراء المهمة، وإسناد الأمور الخطيرة في الدولة إليهم.

أما اتخاذ أهل الكتاب كتبة وموظفين في أعمال الحكومة مما لا يتصل بالقضايا الحساسة للدولة فيظهر من عمل الخلفاء أنه لا مانع منه.

روى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم: من عصم الله تعالى».

الثالث-دل قوله تعالى {مِنْ دُونِكُمْ} أي من سواكم على أن النهي موجه إلى استعمال غير المسلمين بطانة، لأسباب ذكرتها الآية: وهي: {لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً} أي لا يقصّرون في إفساد أموركم؛ و {وَدُّوا ما عَنِتُّمْ} أي ودّوا عنتكم أي ما يشق عليكم، والعنت: المشقة؛ و {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ} يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من أفواهم؛ و {وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} إخبار وإعلام بأنهم يبطنون من البغضاء أكثر مما يظهرون بأفواههم.

الرابع-في هذه الآية دليل على أن شهادة العدو على عدوه لا تجوز، وبذلك قال أهل المدينة وأهل الحجاز، وروي عن أبي حنيفة جواز ذلك.

ودلت الآية (١١٩): {ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ} أي المنافقين من أهل


(١) بطانة الرجل: خاصته الذين يستنبطون أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>