للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ، إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان ١٦/ ٣١].

ثم توفى كل نفس في الآخرة ما كسبت من خير أو شر، فينال الغالّ وغيره جزاء فعله دون ظلم، لا ينقص منه شيء، كما قال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ، وَيَقُولُونَ: يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ، لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها، وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً، وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف ٤٩/ ١٨].

ثم بين سبحانه نفي المساواة بين المحسن والمسيء، فأخبر أن من اتقى الله وعمل صالحا لا يستوي مع من عصى الله وعمل سوءا، أي فلا يستوي من اتبع رضوان الله فيما شرعه، فاستحقّ به رضوان وجزيل ثوابه وأمن العذاب، ومن استحق غضب الله وألزم به، فلا محيد له عنه، ومأواه يوم القيامة جهنم وبئس المصير. وهذا مثل قوله تعالى: {أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً، لا يَسْتَوُونَ} [السجدة ١٨/ ٣٢] وقوله: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ} [ص ٢٨/ ٣٨].

وإن لكل من أهل الخير وأهل الشر درجات ومنازل، يتفاوتون فيها، فللمتقين الطائعين درجات في الجنة، وللعصاة دركات في النار، فهم يتفاوتون في الجزاء بسبب تفاوت أعمالهم في الدنيا.

فأعلى الدرجات درجة النبي المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، وأسفل الدركات درك المنافقين: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ} [النساء ١٤٥/ ٤] والله تعالى بصير بأعمال العباد، فلا يخفى عليه شيء من أعمالهم بدءا من تزكية نفوسهم إلى أرفع الدرجات، ومن إهمال التزكية إلى أسفل الدركات، كما قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها} [الشمس ٩/ ٩١ - ١٠]. وسيوفيهم جزاء

<<  <  ج: ص:  >  >>