للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقربان: ما يتقرب به إلى الله تعالى من نسك (إراقة دم من المواشي) وصدقة وعمل صالح.

والقصد من زعمهم هذا عدم الإيمان برسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه لم يأت بما قالوه، ولو أتى به لآمنوا.

قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في كعب بن الأشرف ومالك بن الصّيف، وفنحاص بن عازوراء في جماعة آخرين، أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا محمد، تزعم أنك رسول الله، وأنه تعالى أوحى إليك كتابا، وقد عهد إلينا في التوراة ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، ويكون للنار دويّ خفيف حين تنزل من السماء، فإن جئتنا بهذا صدقناك، فنزلت الآية.

ولكن ادعاء هذا العهد من مفترياتهم وأباطيلهم، لذا ردّ الله تعالى موبخا لهم ومكذبا، بأن نزول النار معجزة، والمعجزة لتأييد الرسالة، وإثبات صدق النبي المبعوث، وقد جاءكم رسل كثيرون مثل زكريا ويحيى وغيرهما بالمعجزات أو بالبينات الواضحة الدالة على صدق نبوتهم، فلم كذبتموهم؟ ولم تصدقوهم، ولم قتلتموهم؟ إن كنتم صادقين أنكم تتبعون الحق وتنقادون للرسل.

وقد نسب هذا الفعل لليهود الذين كانوا في عصر التنزيل القرآني، مع أن تلك الجرائم كانت من أسلافهم؛ لأنهم كما بينا سابقا رضوان عما فعلوه، معتقدون أنهم على حق في ذلك، والأمة أو القبيلة عادة تتأثر بصنع بعض أفرادها، ويعيبها جرمه وانحرافه، لنسبته إلى تلك الجماعة.

ثم قال تعالى مسليا لنبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم أي معزّيا ومؤنسا له، ومخففا عليه سوء موقف اليهود وأمثالهم وهم قومه، وتكذيب الفريقين، فأخبر: إن كذبوك بعد أن جئتهم بالدلائل-والمعجزات، فقد كذّب رسل من قبلك، جاؤوا بمثل ما جئت به من البينات والمعجزات، والكتب ذات الأصل الإلهي كالصحف المنزلة

<<  <  ج: ص:  >  >>