للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واكتفى القرآن بذكر توبة آدم دون توبة حواء، لأنها كانت تبعا له، كما طوي ذكر النساء في أكثر القرآن والسّنة لذلك. وقد ذكرها في آية أخرى:

{قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا} الآية السابقة (١).

ولا تكون التوبة مقبولة من الإنسان إلا بأربعة أمور: الندم على ما كان، وترك الذنب الآن، والعزم على ألا يعود إليه في مستأنف الزمان، وردّ مظالم العباد وإرضاء الخصم بإيصال حقه إليه والاعتذار إليه باللسان (٢).

خامسا-دخول إبليس الجنة: تساءل العلماء: كيف تمكّن إبليس من وسوسة آدم بعد أن طرده الله من الجنة بقوله: {فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} [ص ٧٧/ ٣٨]، فكان خارج الجنة، وآدم في الجنة؟ وأجيب بأجوبة، منها: أنه يجوز أن يمنع إبليس دخول الجنة على جهة التكريم، كدخول الملائكة، ولا يمنع أن يدخل على جهة الوسوسة، ابتلاء لآدم وحواء. وقالت طائفة: إن إبليس لم يدخل الجنة ولم يصل إلى آدم بعد ما أخرج منها، وإنما بوسواسه الذي أعطاه الله تعالى، كما

قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم».

سادسا-في قوله تعالى: {فَإِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً} [البقرة ٣٥/ ٢]: إشارة إلى أن أفعال العباد مخلوقة من الله تعالى، خلافا للقدرية وغيرهم القائلين: إن العبد يخلق أفعال نفسه. ودلّت الآية (٣٨) على أن من جاءه الهدى على لسان رسول واتبعه، فقد فاز بالنجاة في الآخرة، ودلت الآية (٣٩) على أن الذين لم يتبعوا هدى الله-وهم الذين كفروا بآيات الله اعتقادا وكذبوا بها لسانا-جزاؤهم الخلود في نار جهنم بسبب جحودهم بها، وإنكارهم إياها، اتباعا لوسوسة الشيطان. (٣)


(١) تفسير الكشاف: ٢١١/ ١
(٢) تفسير الرازي: ٢٠/ ٣، تفسير المراغي: ٩٢/ ١
(٣) الكشاف: ٢١١/ ١، القرطبي: ٣١٣/ ١، الرازي: ١٥/ ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>