للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإخلاص، فلا يؤخذ عليها أجرة كالصلاة والصيام، وقد قال تعالى: {وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً}.

وأجاز جمهور العلماء غير الحنفية أخذ الأجرة على تعليم القرآن،

لقوله عليه السلام في حديث ابن عباس-حديث الرّقية الذي أخرجه البخاري: «إن أحقّ ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» والقياس على الصلاة والصيام فاسد، لأنه في مقابلة النص، ولأن تعليم القرآن يتعدى أثره لغير المعلّم، فيختلف عن العبادات المختصة بالفاعل.

وهذا الخلاف جار أيضا في أداء الصلاة وغيرها من الشعائر الدينية بأجر.

ونهى الله اليهود-ومثلهم غيرهم-عن أن يخلطوا ما عندهم من الحق في الكتاب بالباطل، وهو التغيير والتبديل، وعن كتمان ما علموا، ومنه أن محمدا عليه السلام حق، فكفرهم كان كفر عناد، ولم يشهد تعالى لهم بعلم في ذلك.

وفي نهاية الآيات أمرهم الله تعالى-والأمر للوجوب-بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وعبر عن الصلاة بالركوع، لأن بني إسرائيل لم يكن في صلاتهم ركوع، ليرشدهم إلى الصلاة بالصفة الإسلامية، والمراد بالزكاة على الأصح الزكاة المفروضة، لمقارنتها بالصلاة، وليس المراد هو صدقة الفطر. وفي الصلاة تطهير النفوس، وفي الزكاة تطهير المال، وكلاهما مظهر شكر الله على نعمه، والزكاة تنفرد بأنها تحقق مبدأ التكافل الاجتماعي بين الناس، فالغني بحاجة إلى الفقير، والفقير بحاجة إلى الغني. قال الجصاص: أريد بالصلاة والزكاة ما خوطبنا به من هذه الصلوات المفروضة والزكوات الواجبة (١).


(١) أحكام القرآن: ٣٤/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>