للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله نصيرا لمن استنصره، ومعينا يدفع شرهم عنكم، فهو سبحانه الذي يرشدكم إلى ما فيه خيركم وفلاحكم، وهو الذي ينصركم على أعدائكم بتوفيقكم لصالح العمل والهداية لأسباب النصر من التعاون وإعداد وسائل القوة الحربية، فلا تطلبوا الولاية من غيره، ولا النصرة من سواه.

وأما الذي يعملون به من التوراة: فهو ما أضاعوه ونسوه، وما تركوا العمل به من الأحكام الباقية لديهم.

ثم بيّن الله تعالى المراد بأولئك الذين أوتوا الكتاب بقوله: {مِنَ الَّذِينَ هادُوا} أي اليهود، و {مِنَ} هنا لبيان الجنس كقوله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ} [الحج ٣٠/ ٢٢] وهم قوم يحرفون الكلم الذي أنزله الله في التوراة عن مواضعه الأصلية، إما بأن يحملوه على غير معناه الذي وضع له، كتأويل البشارات الواردة في النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وتأويل ما ورد في المسيح وحمله على شخص آخر، لا يزالون ينتظرونه إلى اليوم، وإما بنقل كلمة أو جملة من الكتاب ووضعها فيه في موضع آخر، فقد خلطوا ما أثر عن موسى عليه السلام بما كتب بعده بزمن طويل، كما خلطوا كلام غيره من أنبيائهم بكلام آخر دوّنه واضعو التوراة الحالية، بدلا عن التوراة المفقودة باعترافهم.

وكانوا يقصدون بهذا التحريف الإصلاح في زعمهم، ومنشأ ذلك أنه وجدت عندهم قراطيس متفرقة من التوراة بعد فقد النسخة الأصلية التي كتبها موسى عليه السلام، وأرادوا أن يؤلفوا بينها، فخلطوا فيها بالزيادة والتكرار، كما أثبت المؤرخون الباحثون الثقات، مثل الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه «إظهار الحق».

ويقول هؤلاء اليهود للنبي صلّى الله عليه وسلّم: سمعنا قولك وعصينا أمرك، قال مجاهد:

إنهم قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: سمعنا قولك، ولكن لا نطيعك. وكانوا يقولون أيضا

<<  <  ج: ص:  >  >>