للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتبرؤ من الوثنية وأهلها، ملتزم الدين الحق وهو دين الإسلام، كما قال تعالى:

{وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ: إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ، إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ، وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف ٢٦/ ٤٣ - ٢٧] وقال: {بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [البقرة ١٣٥/ ٢].

{وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً} جملة اعتراضية مجاز، مفادها أن الله اصطفى إبراهيم واختصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله، ومن كانت له هذه المنزلة من الزلفى عند الله بأن اتخذه خليلا، كان جديرا بأن تتبع ملته وطريقته.

أي أن الله امتن على إبراهيم بسلامة الفطرة والاعتقاد، وقوة العقل وصفاء الروح، وكمال المعرفة بالله، وشدة العزيمة وعلو الهمة في محاربة الوثنية والشرك، حتى صار من أولي العزم، فهو خليل الرحمن، عدو الشيطان.

ثم ذكر الله تعالى ما هو العلة والدافع على الطاعة فقال:

جميع ما في السموات والأرض ملك الله وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع ذلك، لا رادّ لما قضى، ولا معقّب لما حكم، ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته، وعلمه محيط‍ مع القدرة كل شيء، ونافذ في جميع ذلك، لا تخفى عليه خافية من عباده، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ومن كان عالما بأعمال عباده فهو مجازيهم على خيرها وشرها، فعليهم أن يختاروا لأنفسهم ما هو أصلح لها.

فهذه الآية متصلة بذكر العمال الصالحين والطالحين، والمعنى: أن له ملك السموات والأرض، فطاعته واجبة عليهم، فهو تعالى مستحق التوجه إليه في كل شيء، حتى من إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء، لما يتصف به من القدرة الشاملة على الكون وإنجاز ما وعد وأوعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>