للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهاده يريد ثواب الدّنيا أي نعيمها بالمال والجاه ونحوهما، فعند الله ثواب الدّنيا والآخرة، كالمجاهد الذي يريد بجهاده الغنيمة، فما له يطلبها فقط‍ وهي خسيسة، بل عليه أن يطلب خيري الدّنيا والآخرة، فيأخذ الغنيمة وينال الجنة إن جاهد لله خالصا، والمعنى: فعند الله ثواب الدّنيا والآخرة له إن أراده، فعليه أن يرجو ثوابهما معا. وفي هذا إيماء إلى أن الدين يهدي أهله لسعادتي الدّنيا والآخرة، وأن تلك الهداية من فضله تعالى ورحمته، ولو استقام المسلمون على أوامر ربّهم وهدي دستورهم لظلّوا سادة العالم.

وهي نظير قوله تعالى: {فَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ. أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا} [البقرة ٢٠٠/ ٢ - ٢٠٢]، وقال تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ، وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها، وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى ٢٠/ ٤٢]، وقال تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} -إلى قوله- {اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ} [الإسراء ١٨/ ١٧ - ٢١].

ثم ختم الله الآية بقوله: {وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً} أي كان الله وما يزال سميعا لأقوال عباده، بصيرا بكل قصد وعمل، فعليهم أن يراقبوه في الأقوال والأفعال.

فقه الحياة أو الأحكام:

المستفاد من هذه الآيات هو معرفة ثوابت الأخبار الدائمة في الوحي الإلهي منذ بدء الخليقة، وفي كل ملة ودين، ولكل العاملين والمجاهدين في سبيل الله، وهي ما يأتي:

١ - لله ملك السموات والأرض ملكا وخلقا وتصرفا وسلطانا.

<<  <  ج: ص:  >  >>