للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخالفين أوامر الله ونواهيه.

أما رفع جبل الطور فوق اليهود كالمظلة: فكان إنذارا وإرهابا وتخويفا، وهذه الآية تفسر معنى قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف ١٧١/ ٧] قال أبو عبيدة: المعنى زعزعناه فاستخرجناه من مكانه.

واختلف في الطور: فقيل عن ابن عباس: الطور: اسم للجبل الذي كلّم الله عليه موسى عليه السّلام، وأنزل عليه فيه التوراة دون غيره. وقال مجاهد وقتادة: أي جبل كان.

وسبب رفع الطور: أن موسى عليه السّلام لما جاء بني إسرائيل من عند الله بالألواح فيها التوراة، قال لهم: خذوها والتزموها، فقالوا: لا! إلا أن يكلمنا الله بها كما كلمك، فصعقوا ثم أحيوا، فقال لهم: خذوها، فقالوا: لا. فأمر الله الملائكة فاقتلعت جبلا من جبال فلسطين طوله فرسخ (١) في مثله، وكذلك كان عسكرهم، فجعل عليهم مثل الظّلة، وأتوا ببحر من خلفهم، ونار من قبل وجوههم، وقيل لهم: خذوها وعليكم الميثاق ألا تضيعوها، وإلا سقط‍ عليكم الجبل. فسجدوا توبة لله، وأخذوا التوراة بالميثاق. قال الطبري عن بعض العلماء: لو أخذوها أول مرة لم يكن عليهم ميثاق (٢). وكان سجودهم على شقّ، لأنهم كانوا يرقبون الجبل خوفا، فلما رحمهم الله قالوا: لا سجدة أفضل من سجدة تقبّلها الله ورحم بها عباده، فجعلوا سجودهم على شق واحد.

قال ابن عطية: والذي لا يصح سواه أن الله تعالى اخترع وقت سجودهم الإيمان في قلوبهم، لا أنهم آمنوا كرها، وقلوبهم غير مطمئنة بذلك.


(١) الفرسخ: ٣ أميال أو ٥٥٤٤ م أو ١٢٠٠٠ خطوة.
(٢) تفسير الطبري: ٢٥٧/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>