للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتوراة التي فيها شريعتهم التي اختارها لهم، وليقبلنها بجد ونشاط‍: {خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة ٦٣/ ٢ و ٩٣] ولا يزال هذا العهد في التوراة الحالية، وأمرناه أن يختار اثني عشر نقيبا منهم، يتولون أمور الأسباط‍ (كالقبائل في العرب) ويرعونهم، والنقباء: زعماء أو عرفاء أسباطهم الاثني عشر، والنقيب: كبير القوم، القائم بأمورهم الذي ينقّب عنها، وعن مصالحهم فيها، وبعثهم: إرسالهم لمقاتلة الجبارين في بيت المقدس.

وتاريخ ذلك كما روى ابن إسحاق وغيره عن ابن عباس: أنه لما نجا بنو إسرائيل من فرعون وصحبه، أمرهم الله بالسير إلى بيت المقدس، التي كان يسكنها الكنعانيون الجبابرة، وقال لهم: إني جعلتها لكم وطنا، فاخرجوا إليها وجاهدوا من فيها، وإني ناصركم، ولما توجه موسى عليه السلام لقتال الجبابرة، أمره الله أن يختار اثني عشر نقيبا منهم، ويأخذ من كل سبط‍ نقيبا يكون كفيلا بتنفيذ ما أمروا به ففعل، فلما دنا من الأرض المقدسة بعث النقباء يستطلعون الأخبار، فرأوا أجساما قوية، وشوكة وقوة، فهابوهم ورجعوا وحدثوا قومهم بما رأوا، وقد كان موسى نهاهم عن ذلك، فنقضوا العهد إلا نقيبين، وهما اللذان قال الله تعالى فيهما: {قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا، اُدْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ} (١) [المائدة ٢٣/ ٥].

{وَقالَ اللهُ: إِنِّي مَعَكُمْ} أي وقال الله لموسى الذي بلغ الوحي إلى بني إسرائيل: إني معكم، أي ناصركم وحافظكم ومعينكم، ومطلع عليكم، ومجازيكم على أعمالكم.

وعاهدهم الله بالعهد الإلهي الشامل ومضمونه: لئن أقمتم الصلاة، وأديتموها على الوجه الأكمل، وأعطيتم زكاة أموالكم التي تزكو بها نفوسكم وتطهر، وآمنتم


(١) التفسير الكبير للرازي: ١٨٤/ ١١، تفسير ابن كثير: ٣٢/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>