للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى معرفة سبب ذبح البقرة، وهذا الموقف ديدن اليهود وطبيعتهم التي لا تفارقهم. والكتاب الكريم لا يراعي ترتيب المؤرخين في سرد الأحداث والوقائع، وإنما يذكر الكلام بما يتفق مع هدفه: وهي العظة والعبرة، واجتذاب الأنظار وإثارة الانتباه.

٦ - ليس هناك أشد استهجانا وغرابة من جعل الحجارة أنفع من قلوب اليهود، لخروج الماء منها، قال مجاهد: ما تردّى حجر من رأس جبل، ولا تفجر نهر من حجر، ولا خرج منه ماء إلا من خشية الله، نزل بذلك القرآن الكريم.

وهذا يعني أن خشية الحجارة هنا حقيقية، كقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء ٤٤/ ١٧]. وحكى الطبري عن بعض المفسرين: أن خشية الحجارة من باب المجاز والاستعارة، كما استعيرت الإرادة للجدار، في قوله تعالى:

{يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف ٧٧/ ١٨] (١).

٧ - في قصة البقرة هذه دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا، وبه قال جمهور الأصوليين غير الإمام الشافعي.

٨ - استدل الإمام مالك على صحة القول بالقسامة (٢) بقول المقتول: دمي عند فلان، أو فلان قتلني. ومنعه الشافعي وجمهور العلماء، لأن قول المقتول:

دمي عند فلان، أو فلان قتلني، خبر يحتمل الصدق والكذب.


(١) تفسير الطبري: ٢٨٩/ ١، وانظر تفسير القرطبي أيضا: ٤٦٥/ ١
(٢) القسامة: هي خمسون يمينا من خمسين رجلا، يقسمها في رأي الحنفية أهل المحلة التي وجد فيها القتيل ويتخيرهم ولي الدم، لنفي تهمة القتل عن المتهم. وعند الجمهور: يحلفها أولياء القتيل لإثبات تهمة القتل على الجاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>