للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس الأمر أيها اليهود كما زعمتم أو تمنيتم واشتهيتم، بل أو بلى ستخلدون في نار جهنم بسبب ارتكاب المعاصي التي أحاطت بكم، كالكفر، وقتل الأنبياء بغير حق، وعصيان أوامر الله، والاسترسال في الأهواء والافتراءات. وقد علمنا أن بلى: لفظ‍ يجاب به بعد كلام منفي سابق، ومعناه إبطاله وإنكاره. والكسب:

جلب النفع، واستعماله هنا في السيئة من باب التهكم. والسيئة: الفاحشة الموجبة للنار، والمراد بها هنا: الشرك بالله.

وسبب الخلود في النار: هو ما تضمنه القانون العام لكل الخلائق في شرع الله: أن من اقترف خطيئة غمرت جميع جوانبه من قلبه ولسانه وأعضائه، وليست له حسنة، بل جميع أعماله سيئات، فهو من أهل النار.

وأما من آمن (صدق) بالله ورسله واليوم الآخر، وعمل صالحا، فأدى الواجب، وترك الحرام، فهو من أهل الجنة. قال ابن عباس: «من آمن بما كفرتم، وعمل بما تركتم من دينه، فلهم الجنة، خالدين فيها» يخبرهم أن الثواب بالخير، والشر مقيم على أهله أبدا، لا انقطاع له.

وكل من الجزاءين المذكورين: وعد للمؤمنين، ووعيد للكافرين، شبيه بقوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ، وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ، وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً. وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى، وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} [النساء ١٢٣/ ٤ - ١٢٤].

لكن من تاب من العصاة توبة نصوحا، فأقلع عن الذنب، وندم عليه، وعزم على ألا يعود لمثله في المستقبل، تبدل حاله من أهل النار إلى أهل الجنة.

روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن العبد إذا أذنب ذنبا، نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر، صقل

<<  <  ج: ص:  >  >>