للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ترك سنتنا» فقالوا: اللهم صدّقنا واتبعنا ما أنزلت على الرسول صلّى الله عليه وسلّم.

وعن ابن مسعود: أن رجلا قال: إني حرمت الفراش، فتلا هذه الآية وقال: نم على فراشك، وكفر عن يمينك.

والخلاصة: اتفقت الروايات على أن هذه الآية نزلت في قوم من الصحابة هموا أن يلازموا الصوم وقيام الليل، ولا يقربوا النساء والطيب، ولا يأكلوا اللحم، ولا يناموا على الفراش.

المناسبة:

بدئت سورة المائدة بالأمر بإيفاء العقود، وذلك يشمل التزام حدود الله وما أحله الله واجتناب ما حرمه، ثم نص تعالى على عدم إحلال ما حرم الله بقوله:

{لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ} وهذه الآية لبيان النوع المقابل وهو تحريم ما أحل الله.

وهي أيضا مرتبطة بما قبلها، فبعد أن مدح الله النصارى بأنهم أقرب مودة للمؤمنين بسبب وجود قسيسين ورهبان منهم، فهم بعض المؤمنين بأن في هذا ترغيبا في الرهبانية وتحسينا للتقشف والزهد، وذلك بترك الطيّبات من الطعام واللباس والنساء. فنهاهم تعالى عن منع أنفسهم من الطيبات، كالذي فعله القسيسون والرهبان، فحرموا على أنفسهم النساء والمطاعم الطيبة والمشارب اللذيذة، وحبس في الصوامع بعضهم أنفسهم، وساح في الأرض بعضهم (١).

التفسير والبيان:

يا أيها المؤمنون لا تحرموا على أنفسكم ولا تمنعوها من الطيبات: وهي ما تستلذه الأنفس، لما فيها من المنافع، بأن تتركوا التمتع بها تقربا إلى الله، ولا تتعدوا حدود ما أحل الله إلى ما حرم عليكم، أو: ولا تسرفوا في تناول


(١) تفسير الطبري: ٦/ ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>