للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمر بالتقوى هنا إنما ذكر للحثّ على المحافظة على ما أوصى به الله، والمداومة عليه؛ وإيراده عقب النّهي عن تحريم الطّيبات والأمر بالأكل من الرّزق الطيب الحلال: للدلالة على أنه لا منافاة ولا تغاير بين الاستمتاع بطيبات الرزق وبين التقوى.

ونظير هذه الآية قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ، وَاشْكُرُوا لِلّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة ١٧٢/ ٢]، وقوله عزّ وجلّ: {قُلْ: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف ٣٢/ ٧]، و

قوله صلّى الله عليه وسلّم-فيما رواه مسلم عن أبي هريرة-: «إنّ الله تعالى طيّب لا يقبل إلاّ طيّبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى:

{يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً} [المؤمنون ٥١/ ٢٣]، وقال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ} [البقرة ١٧٢/ ٢]».

والمراد بالطّيّبات: الحلال، كما قال النّووي.

فقه الحياة أو الأحكام:

هذه الآية من أصول الإسلام الداعية إلى التّوسّط‍ والاعتدال، والأخذ باليسر والسّماحة، والبعد عن التّنطّع في الدّين، وعن الأخذ بمشاق الأعمال المضنية للنّفس البشرية، ومراعاة متطلّبات الحياة، ودواعي الفطرة السليمة السوية من إيفاء حقّ الرّوح والجسد.

وفيها دليل على حرمة الرّهبانية، وقد صرّح القرآن بأنها مبتدعة،

وورد في السّنّة النّبويّة عنه عليه الصلاة والسّلام فيما رواه الدارمي أنه قال: «إني لم أومر بالرّهبانية»

ورواية أحمد: «إن الرهبانية لم تكتب علينا».

وعن أنس قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من كان موسرا لأن ينكح فلم ينكح فليس منّي».

وأخرج مسلم عن أنس أنّ نفرا من أصحاب النّبي صلّى الله عليه وسلّم سألوا أزواج النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن

<<  <  ج: ص:  >  >>