للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ} أي من لم يستطع إطعاما أو كسوة أو عتق رقبة، أو من لم يجد في ملكه أحد هذه الثلاثة، فعليه صيام ثلاثة أيام، متتابعة في رأي الحنفية والحنابلة، ولا يشترط‍ التتابع في مذهب المالكية والشافعية.

ودليل الرأي الأول: ما أخرج الحاكم وابن جرير الطبري وغيرهم من طريق صحيح أن أبي بن كعب كان يقرأ هكذا «ثلاثة أيام متتابعات»، وروي هذا أيضا عن ابن مسعود، وهو ثابت في مصحف الربيع، كما قال سفيان الثوري.

ورواه ابن مردويه عن ابن عباس: «فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات».

ورأى الفريق الثاني أن هذه قراءة شاذّة لا يحتجّ بها، وإنما يحتجّ بالمتواتر.

والاستطاعة: أن يكون مالكا ما يزيد على إطعام أهله يوما وليلة، وهذا ما اختاره ابن جرير: أنه الذي يفضل عن قوته وقوت عياله في يومه ذلك ما يخرج به كفارة اليمين.

وروى ابن جرير عن سعيد بن جبير والحسن البصري أنهما قالا: من وجد ثلاثة دراهم، لزمه الإطعام وإلا صام.

ولا وقت للكفارة، وإنما يستحبّ تعجيلها، فإن مرض صام عند القدرة، فإن استمرّ العجز يرجى له عفو الله ورحمته. وللوارث أن يتبرع بالكفارة.

{ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ} أي هذه كفارة اليمين الشرعية إذا حلفتم بالله أو بأحد أسمائه أو صفاته وحنثتم. وترك ذكر الحنث المعروف بأن الكفارة إنما تجب بالحنث في الحلف، لا بالحلف نفسه، والتكفير قبل الحنث لا يجوز عند الحنفية، ويجوز بالمال إذا لم يعص الحانث عند الشافعي.

{وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ} أي فبرّوا بها ولا تحنثوا. وقيل: وهو ما اختاره القرطبي: احفظوها بأن تكفّروها إذا حنثتم، قال ابن جرير: معناه لا تتركوها

<<  <  ج: ص:  >  >>