للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتاكم عذاب الله بغتة أي فجأة وأنتم لا تشعرون به، أو جهرة أي ظاهرا عيانا تعاينونه وتنظرون إليه، أخبروني ماذا أنتم فاعلون؟ ولا يهلك إلا الظالمون الذين ظلموا أنفسهم بالشّرك بالله، وأصرّوا على الكفر والعناد، أي إنما يحيط‍ العذاب بالظالمين أنفسهم بالشّرك بالله، وينجو الذين كانوا يعبدون الله وحده لا شريك له.

ثم بيّن وظائف الرّسل فقال: {وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ.}. أي إنّ مهمة الرّسل محصورة ببشارة المؤمنين بالجنة والخيرات، وإنذار من كفر بالله بالنار والعقوبات، ثم بيّن مصير الفريقين:

فمن صدّق الرّسل وآمن بقلبه بما جاؤوا به، وأصلح عمله باتباعه إياهم فلا خوف عليهم في المستقبل من عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة، ولا هم يحزنون يوم لقاء الله، على ما فاتهم في الماضي، وتركوه وراء ظهورهم من أمر الدّنيا؛ لأن الله يحفظهم من كلّ فزع، كما قال تعالى: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ، وَتَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ، هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء ١٠٣/ ٢١]، ولا يحزنون في الدّنيا مثل حزن المشركين في شدّته وطول مدّته، وإنما يصبرون على ما أصابهم، ويلتمسون الأجر عند الله، ويتأملون العوض منه، لأن الله تعالى أرشدهم للشكر عند النعمة والصبر عند النقمة، وتفويض الأمر للخالق، كما قال: {ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها، إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ، وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ، وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ} [الحديد ٢٢/ ٥٧ - ٢٣].

ومن كذب بآيات الله التي أرسلنا بها الرّسل، ينالهم العذاب بما كفروا وجحدوا بما جاءت به الرّسل، وخرجوا عن أوامر الله وطاعته، وارتكبوا المنهيّات المحظورات، وكان جزاء كفرهم وفسادهم في الدّنيا بأنواع النّقمة، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>