للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ، أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال ٣٢/ ٨]: قل لهم: لو كان مرجع ذلك العذاب إليّ، لأوقعت لكم ما تستحقونه من ذلك ولتمّ فصل القضاء بيني وبينكم، ولتخلّصت سريعا، وانقضى الأمر إلى آخره، والله أعلم بالظالمين الذين لا أمل في صلاحهم ورجوعهم إلى الإيمان والحقّ والعدل، لذا فإن إنزال العذاب بيده تعالى لا بيدي، والله أعلم كيف يعاقبهم، ومتى يعاقبهم، وعلى أي نحو يجازيهم: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً، وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف ٣٤/ ٧].

وقد أثير اعتراض: وهو كيف يوفق بين هذه الآية: {قُلْ: لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} وبين قوله صلّى الله عليه وسلّم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله، لا يشرك به شيئا»؟ والجواب: أن هذه الآية عند سؤالهم العذاب، ففيها دلالة على أنه لو كان إليه وقوع العذاب الذي يطلبونه حال طلبهم له، لأوقعه بهم؛ وأما الحديث: فليس فيه أنهم سألوه وقوع العذاب بهم، بل عرض عليه ملك الجبال أنه إن شاء أطبق عليهم الأخشبين: وهما جبلا مكّة اللذان يكتنفانها جنوبا وشمالا، فلهذا استأنى بهم، وسأل الرّفق لهم بالرّغم من أنه عرض عليه عذابهم واستئصالهم.

وقصة الحديث: هي ما رواه الشيخان في الصحيحين عن عائشة أنها قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: لقد لقيت من قومك، وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد ظللتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه السّلام، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال، وسلّم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله

<<  <  ج: ص:  >  >>