للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما ذكر إسحاق دون إسماعيل؛ لأنه هو الذي وهبه الله تعالى بآية منه بعد كبر سنه وعقم امرأته «سارة» جزاء إيمانه وإحسانه، وكمال إسلامه وإخلاصه، بعد ابتلائه بذبح ولده «إسماعيل» الذي لم يكن له ولد سواه، على كبر سنّه، ومثل ذلك الجزاء نجزي المحسنين. وهناك سبب آخر لذكر إسحاق دون إسماعيل: وهو أن المقصود بالذكر أنبياء بني إسرائيل، وهم بأسرهم أولاد إسحاق ويعقوب، وأما إسماعيل فليس من صلبه نبي إلا محمد صلّى الله عليه وسلّم.

وإبراهيم من سلالة نوح، وكما هداه الله، هدى جده نوحا قبله، فأتاه النبوة والحكمة، وهذه نعمة من أعظم النعم، فهو من سلالة نبي، وأولاده أنبياء، فجعل من ذريته داود، وسليمان، وأيوب، ويوسف، وموسى، وهارون، فهي ذرية طيبة: {ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران ٣٤/ ٣].

وإنما ذكر نوحا؛ لأنه جد إبراهيم، كما تقدم، مما يرشد إلى فضل الله عليه في أصوله وفروعه، فهو كريم الآباء، شريف الأبناء، ولأن الله جعل الكتاب والنبوة في نسلهما معا، كما قال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ} [الحديد ٢٦/ ٥٧].

وهدى الله كذلك من ذرية إبراهيم إلى النبوة والحكمة زكريا، ويحيى، وعيسى، وإلياس، وكل منهم من الصالحين قولا وعملا. وعود الضمير إلى إبراهيم؛ لأنه الذي سبق الكلام من أجله، ويجوز عوده إلى نوح؛ لأنه أقرب المذكورين.

وهدى أيضا من ذريته إسماعيل ابنه الصلبي وجد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، واليسع، ويونس، ولوطا، وكلا منهم فضلناه على العالمين.

لكن يأتي إشكال هنا وهو أن لوط‍ عليه السلام ليس من ذرية إبراهيم، وإنما هو ابن أخيه هاران بن آزر، اللهم إلا أن يقال: إنه دخل في الذرية تغليبا، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>