للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتوالد والتزاوج، كما قال تعالى: {يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها، وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً} [النساء ١/ ٤].

وإنشاء جميع البشر من نفس واحدة يدل على قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته ووحدانيته، كما يوجب شكر النعمة، ويرشد إلى وحدة الأصل والنوع الإنساني، مما يقتضي وجوب التعارف والتعاون بين الناس؛ لأنهم من أصل واحد وأب واحد، فهم إخوة، وما على الإخوة إلا التآلف، لا التناحر والتقاتل.

ثم بيّن الله تعالى كيفية تسلسل البشر والولادة في وقت معين لا يعلمه إلا الله فقال: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} أي لكم موضع استقرار في الأرحام، وموضع استيداع في الأصلاب، أو مستقر في الأرض، ومستودع تحتها، أو مستقر في الدنيا ومستودع حيث يموت، أو فمنكم مستقر ومنكم مستودع.

قد بينا آيات سنن الخلق الدالة على قدرتنا وإرادتنا، وعلمنا وحكمتنا، وفضلنا ورحمتنا، لقوم يفقهون ما يتلى عليهم، ويعون كلام الله، ويدركون معناه ودقائقه.

وعبر بالعلم مع ذكر النجوم، وبالفقه مع ذكر إنشاء بني آدم، لأن استخلاص الحكمة من خلق البشر من نفس واحدة، وتصريفهم في أحوال مختلفة يحتاج إلى دقة نظر، وعمق فهم وفطنة، وهذا هو معنى الفقه، فكان ذلك مطابقا للحال. أما العلم بمواقع النجوم والاهتداء بها في ظلمات البر والبحر، فلا يتوقف على دقة النظر، وعمق الفكر، وإنما يكفي فيها وفي كل الأمور الفلكية شيء من المعرفة والخبرة والمشاهدة الظاهرية المعتمدة على الملاحظة والبصر.

ثم ذكر تعالى آية من آيات التكوين في النبات وهي إنزال الماء من السماء

<<  <  ج: ص:  >  >>