للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلبه للتوحيد والإيمان به. وهو تفسير ظاهر مقبول.

وجاء في حديث رواه عبد الرزاق عن أبي جعفر: وسئل النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن هذه الآية: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} قالوا: كيف يشرح صدره يا رسول الله؟ قال: «نور يقذف فيه، فينشرح له وينفسح» قالوا:

فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: «الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت».

وروى ابن أبي حاتم وابن جرير الطبري عن أبي جعفر أيضا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن هذه الآية: «إذا دخل الإيمان القلب انفسح له القلب وانشرح» قالوا: يا رسول الله، هل لذلك من أمارة؟ قال: «نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت» (١).

وإلقاء هذا النور يكون في موضعه: في النفس التي حسنت فطرتها، وطهرت، وكان فيها استعداد للخير، وميل إلى اتباع الحق.

ومن فسدت فطرته بالشرك، وتدنست بالآثام يجد في صدره ضيقا شديدا عازلا له عن الإيمان، كاتما له عن نفاذ الخير إليه، مثله كمثل من يصعد إلى السماء في طبقات الجو العليا حيث يشعر بضيق شديد في التنفس، وكأنما يزاول أمرا غير ممكن، لأن صعود السماء مثل فيما يمتنع ويبعد من الاستطاعة، وتضيق عنه المقدرة.

وكما يجعل الله صدر من أراد إضلاله لفقد استعداده للإيمان ضيقا حرجا، كذلك يسلط‍ الله الشيطان عليه وعلى أمثاله ممن أبى الإيمان بالله ورسوله، فيغويه ويصده عن سبيل الله سبيل الحقّ (٢). والرجس: كما قال مجاهد: كل


(١) تفسير الطبري: ٢٠/ ٨
(٢) المرجع السابق: ٢٤/ ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>