للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام اعتراف بما كان منهم من طاعة الشياطين، واتباع الهوى، والتكذيب بالبعث، أي أن المقصود من الكلام: أننا في هذا اليوم الرهيب وهو يوم البعث والجزاء، اعترفنا بذنوبنا، فاحكم فينا بما تشاء، وأنت أحكم الحاكمين، ولقد أظهرنا الحسرة والندامة على ما كان منا من تفريط‍ في الدنيا.

فأجابهم الحق تعالى: النار مأواكم ومنزلكم أنتم وإياهم وأولياؤكم، وأنتم ماكثون فيها مكثا مخلدا الأبد كله، إلا ما شاء الله من الخروج خارج النار لشرب الحميم أو الانتقال من عذاب النار إلى عذاب الزمهرير، وكل من الحالين انتقال من عذاب إلى عذاب، روي أنهم يدخلون واديا فيه من الزمهرير ما يميز بعض أوصالهم من بعض، فيتعاوون، ويطلبون الرد إلى الجحيم. {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ} فيما يجازي به الناس {عَلِيمٌ} بما يستحقه كل فريق.

وهي نظير قوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ، إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ، إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} [هود ١٠٧/ ١١].

ويحسن الأخذ في تفسير هذه الآية وما هنا بما رواه ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ ابن حيان عن ابن عباس قال: «إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه، ولا ينزلهم جنة ولا نارا» (١).

فقه الحياة أو الأحكام:

آية: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ..}. تدل على إثبات الإرادة لله عز وجل في هداية الإنسان وتوفيقه للإيمان والحق والخير.

وتمسك أهل السنة بهذه الآية في بيان أن الضلال والهداية من الله تعالى، أي بخلقه وإيجاده، بمعنى أن العبد قادر على الإيمان، وقادر على الكفر، فقدرته


(١) تفسير الطبري: ٢٦/ ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>