للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير والبيان:

الله الذي يرسل الرياح قبل نزول المطر، مبشرات بها، فقوله: {بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} أي مقدم إنزال المطر، كما قال: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ، وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى ٢٨/ ٤٢] وقال: {فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ، كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم ٥٠/ ٣٠].

فإذا حملت الرياح سحابا ثقالا، أي من كثرة ما فيها من الماء، تكون ثقيلة قريبة من الأرض، سقناه لإحياء أرض مجدبة لا نبات فيها، كقوله تعالى:

{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها.}. [يس ٣٣/ ٣٦].

فأنزلنا بالسحاب الماء، إذ من المعروف علميا أن الهواء القريب من سطح البحر يسخن بتأثير الحرارة، فيصعد في الجو ويبرد بتأثير منطقة باردة، أو بالهواء البارد، فإذا برد تكاثف منه بخار الماء، وتكوّن السحاب، ثم يتحرك السحاب بقوة الريح، ثم ينزل مطرا بمشيئة الله وإرادته.

وهذا المعنى كثير متردد في الآيات مثل قوله تعالى: {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ، فَتُثِيرُ سَحاباً، فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ، فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، كَذلِكَ النُّشُورُ} [فاطر ٩/ ٣٥] ومثل الآية ٤٣ من سورة النور، والآية ٤٨ من سورة الروم.

فأخرجنا بالمطر أنواع النبات والثمار من الأرض، على اختلاف ألوانها وأشكالها وطعومها وروائحها، مما يدل على قدرة الله وتمام رحمته، كما قال تعالى:

{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ، وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ، وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ، يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ، وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد ٤/ ١٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>