للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المؤمنين من قريتهم تضجرا منهم وبما يسمعون من وعظهم ونصحهم وقولهم، فهم لم يجيبوه بما يناسب كلامه، ولكنهم جاؤوا بشيء آخر لا يتعلق بكلامه ونصيحته بالأمر بإخراجه. وقوله: {أَخْرِجُوهُمْ} أي لوطا وأتباعه.

وقالوا لبعضهم: إن هؤلاء أناس يتطهرون ويتنزهون عن مشاركتكم في فعلكم وعن الفواحش وعن أدبار الرجال والنساء. وهذا صادر منهم على سبيل السخرية بهم والتهكم، والافتخار بما كانوا فيه من القذارة، كما يقول الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظوهم: أبعدوا عنا هذا المتقشف، وأريحونا من هذا المتزهد.

فقوله: {يَتَطَهَّرُونَ} أي الإتيان في هذا المأتى.

وكانت نتيجة الأمر أن الله تعالى أنجى لوطا وأهل بيته الذين آمنوا معه، إلا امرأته، فإنها لم تؤمن، فكانت من جماعة الهالكين الباقين مع قومها في العذاب؛ لأنها كانت على دين قومها تمالئهم عليه، وتعلمهم بمن يقدم عليه من ضيفانه بإشارات بينها وبينهم، وهذا كقوله تعالى: {فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات ٣٥/ ٥١ - ٣٦] أي لم يكن آمن به أحد من قومه سوى أهل بيته فقط‍.

وأمطر عليهم مطرا كثيرا عجيبا أمره وهو الحجارة التي رموا بها، وقد فسرتها آية أخرى: {وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ، وَما هِيَ مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود ٨٢/ ١١ - ٨٣] وآية: {فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها، وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [الحجر ٧٤/ ١٥] ومعنى قوله:

مسومة أي معلمة ببياض في حمرة، والسّجيل: طين طبخ بالنار كالفخّار.

وربما تكون تلك الحجارة محمولة بإعصار من الريح العاتية، أو من النيازك وهي الحجارة المنفصلة من بقايا كوكب محطم تجذبه الأرض إليها.

فانظر يا محمد وكل معتبر بهذا القصص للانزجار، كيف كان عاقبة المجترئ

<<  <  ج: ص:  >  >>