للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجج والبينات على صدق ما جئتكم به، والبينة تشمل المعجزة الكونية، والبرهان العقلي، وخوارق العادات. وهذا مثل قول صالح عليه السلام، إلا أنه تعالى ذكر الآية له وهي الناقة، ولم يذكر آية شعيب، ولا بد من آية تصدقه؛

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثلها آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة».

قال الزمخشري: ومن معجزات شعيب: أنه دفع إلى موسى عصاه، وتلك العصا حاربت التنّين (ضرب من الحيات) وأيضا قال لموسى: إن هذه الأغنام تلد أولادا فيها سواد وبياض، وقد وهبتها منك، فكان الأمر كما أخبر عنه.

وهذه الأحوال كانت معجزات لشعيب عليه السلام؛ لأن موسى في ذلك الوقت ما ادعى الرسالة (١).

وهذا على رأي المعتزلة: وهو عدم ظهور المعجزة قبل النبوة، وأما على رأي أهل السنة، فيجوز أن يظهر الله على يد من يصير نبيا ورسولا بعد ذلك أنواع المعجزات قبل إيصال الوحي، ويسمى ذلك إرهاصا للنبوة، فتكون هذه الأحوال التي ذكرها الزمخشري إرهاصات لموسى عليه السلام (٢).

٣ - إيفاء الكيل والميزان، فقال: {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ} وهذا مرتب على ما سبق: {قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} على تحريم الخيانة بالشيء القليل، والمعنى: أتموا الكيل والميزان إذا بعتم. وهذا وعظ‍ لإحسان معاملتهم الناس، نابع من العدل الذي يجب أن تكون عليه المعاملة بين المبيع والثمن. وقد عني شعيب بعلاج هذه المفسدة أو الانحراف، لشغف أهل مدين بنقص المكيال والميزان،


(١) الكشاف: ٥٥٩/ ١
(٢) تفسير الرازي: ١٧٣/ ١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>