للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب النصارى تصديق موسى. {كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} اي كما قال المشركون من العرب وغيرهم. {مِثْلَ قَوْلِهِمْ} بيان لمعنى ذلك، أي قالوا لكل ذي دين: ليسوا على شيء. {فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ.}. في أمر الدين، فيدخل المحق الجنة، والمبطل النار.

سبب نزول الآية (١١٣):

نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران، وذلك أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتاهم أحبار اليهود، فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم، فقالت اليهود: ما أنتم على شيء من الدين، وكفروا بعيسى والإنجيل، وقالت لهم النصارى: ما أنتم على شيء من الدين، فكفروا بموسى والتوراة، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).

التفسير والبيان:

لقد نجم عن عدم إيمان أهل الكتاب بالقرآن وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم ضلال وتمزق وانقسام شديد بسبب اتباع الأهواء، أما اليهود وهم أسوأ حالا من النصارى فلهم حالان: الأولى-تضليل من عداهم، وادعاؤهم أنهم شعب الله المختار، وأن النبوة مقصورة عليهم. والثانية-تضليل اليهود للنصارى، وتضليل النصارى لهم، مع ان التوراة شريعة للنصارى، والإنجيل متمم للتوراة.

ومعنى الآية: أن اليهود قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا، وكل طائفة منهما تكفّر الأخرى. تلك تمنياتهم الباطلة التي لا أساس لها، ولا فائدة منها، وإلا فهاتوا البرهان على ما تزعمون أيها اليهود والنصارى، إن كنتم صادقين، فليست المسألة مجرد دعوى. وهذا وإن كان ظاهره طلب الدليل على صدق المدّعى، فهو في


(١) البحر المحيط‍: ٣٥٠/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>