للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقه الحياة أو الأحكام:

على المؤمن أن يلتزم الأدب مع الله وألا يسلك مسلك العناد، فطلب القوم رؤية الله عز وجل قياسا منهم على سماع كلامه، أدى بهم إلى إنزال الصاعقة أي الزلزلة الشديدة في الجبل الذي كانوا عليه.

وإذا كان هذا سبب الرجفة، فإن عبادة العجل تستحق عذابا أشد وأنكى.

والمراد بالإضلال في قوله: {تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ} ليس الإجبار أو الإكراه على الوقوع في الضلال كما تقول الجبرية؛ لأنه لم يقل: تضل بها من تشاء من عبادك عن الدين، ولأنه تعالى قال: {تُضِلُّ بِها} أي بالرجفة، ومعلوم أن الرجفة لا يضل الله بها، فوجب التأويل، وتأويل ذلك أنك تعاقب من تشاء بشرط‍ ألا يؤمن، أو تهلك من تشاء بهذه الرجفة.

وكذلك الهداية في قوله: {وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ} يراد بها التوفيق والإرشاد إلى وجوه الهداية ومسالكها.

ولا شك أن خالق الداعية إلى الإيمان والكفر إنما هو الله تعالى، والعبد بقدرته الصالحة للإيمان والكفر يرجح أحد الجانبين على الآخر لما خلق الله فيه، وحينئذ تكون الهداية من الله تعالى، والإضلال من الله تعالى (١)، أي بالخلق والإيجاد، لا بالكسب والتحصيل، فالأول فعل الله والثاني فعل الإنسان.

فبنو إسرائيل هم الذين أظهروا العناد، فطلبوا رؤية الله جهرة، وهم الذين اخترعوا عبادة العجل.


(١) تفسير الرازي: ١٩/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>