للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة: الخبر في هذه الآية متعلق بجماعة مؤمنة من بني إسرائيل في عصر موسى، وبعد عصره، وهم أصناف ثلاثة: صنف أدركوا النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وآمنوا به، وهم المشار إليهم في آية: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ، أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة ١٢١/ ٢]. وصنف آمنوا بموسى واتبعوا من بعده من الأنبياء، وهم المذكورون في الآية هنا، وصنف محتمل للقسمين، كما في الآية المتقدمة:

{يَتْلُونَ آياتِ اللهِ..} ..

وهذه شهادة عظيمة من الله تعالى تثبت وجود أهل الحق والعدل في كل أمة، وهذه هي الحال الأولى لبني إسرائيل.

والحال الثانية: أنه تعالى صيّر قوم موسى اثنتي عشرة فرقة أو قبيلة تسمى أسباطا، أي أمما وجماعات، تمتاز كل جماعة منهم بنظام خاص بها في المعيشة وممارسة شؤون الحياة.

والحال الثالثة: حال الأسباط‍ إزاء نعم الله تعالى عليهم، والنعمة الأولى:

إغاثة الله لهم، حينما طلبوا من موسى السقيا، وقد عطشوا في التيه، فأوحى الله إلى موسى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ}، فضربه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من الماء بقدر عدد أسباطهم، كل سبط‍ له عين خاصة به {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ} أي سبط‍ مشربهم منه. والفرق بين الانبجاس والانفجار أن الأول:

خروج الماء بقلة، والثاني: خروجه بكثرة.

والنعمة الثانية: تظليل الغمام، فكانوا إذا اشتد عليهم الحر في الصحراء، يسخر الله تعالى لهم الغمام أي السحاب، يظلهم بظله الظليل، رحمة من الله.

والنعمة الثالثة: إنزال المن والسلوى: فكان الطعام الشهي ينزل عليهم بسهولة، دون عناء ولا مشقة، وهو المن الذي كان يقوم مقام الخبز عندهم وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>