للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة: إن الشرك نسب إلى آدم وحواء، والمراد به أولادهما، كاليهود والنصارى والمشركين؛ لأن آدم وزوجته لم يكونا مشركين.

قال الزمخشري في قوله: {جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ} أي جعل أولادهما له شركاء، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذلك {فِيما آتاهُما} أي آتى أولادهما، وقد دل على ذلك قوله: {فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ} حيث جمع الضمير، وآدم وحواء بريئان من الشرك. ومعنى إشراكهم فيما آتاهم الله: تسميتهم أولادهم بعبد العزى، وعبد مناة، وعبد شمس، وما أشبه ذلك، مكان عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الرحيم (١). وقد ذكر الرازي هذا التأويل.

وذكر أيضا أي الرازي تأويلا آخر للآية وهو أن قوله: {جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ} ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار والتبعيد، وتقريره: فلما آتاهما صالحا، اجعلا له شركاء فيما آتاهما؟ ثم قال: {فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ} أي تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك، وينسبونه إلى آدم عليه السّلام (٢).

وهذا كله على تسليم أن القصة من أولها إلى آخرها في حق آدم وحواء.

وهناك من جعل الخطاب في الآية لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وهم آل قصي، إذ سمّى قصي وزوجته القرشيان أولادهما الأربعة بعبد مناف، وعبد العزى، وعبد قصي، وعبد اللات.

وقال القفال: إنه تعالى ذكر هذه القصة على سبيل ضرب المثل، وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم، وقولهم بالشرك، على أساس أن المراد بالزوجين الجنس أي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة أو جنس


(١) الكشاف: ٥٩٢/ ٢.
(٢) تفسير الرازي: ٦٧/ ١٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>