للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراجح أو نور البصيرة والهداية الذي يفرق به بين الحق والباطل، وقد أطلق هذا اللفظ‍ على التوراة والإنجيل والقرآن، وغلب على الكتاب الأخير، قال تعالى: {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان ١/ ٢٥].

والخلاصة: إن الفرقان: هو الفارق الفاصل بين الحق والباطل، وهذا تفسير أعم مما ذكر، ويستلزم ما ذكر، فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره، وفّق لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته في الدنيا وسعادته في الآخرة، وإثابته الثواب الجزيل.

{وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ} تكفير الذنوب: محوها. {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} غفرها: سترها عن الناس.

{وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} واسع الفضل عظيم العطاء، يعطي الثواب الجزيل.

المناسبة:

لما حذر الله تعالى من الفتنة بالأموال والأولاد، رغب في التقوى التي توجب ترك الميل والهوى في محبة الأموال والأولاد.

التفسير والبيان:

يا أيها المؤمنون المصدقون {إِنْ تَتَّقُوا اللهَ} باتباع أوامره واجتناب نواهيه، يجعل لكم فارقا بين الحق والباطل وهداية ونورا ينور قلوبكم، وهذا النور في العلم القائم على التقوى هو الحكمة في قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} [البقرة ٢٦٩/ ٢] وهو المشار إليه أيضا في قوله عز وجل: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد ٢٨/ ٥٧].

فالمتقي الله يؤتيه فرقانا يميز به بين الرشد والغي وبين الحق والباطل وبين الإسلام الحق والكفر والضلال، ويكون بذلك ربانيا كما أمر الله بقوله:

{وَلكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ، وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران ٧٩/ ٣].

{إِنْ تَتَّقُوا اللهَ} أيضا يمح عنكم ذنوبكم وسيئاتكم السابقة، ويسترها عن الناس، ويؤتكم الثواب الجزيل، والله صاحب الفضل الواسع والعطاء العظيم،

<<  <  ج: ص:  >  >>