للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم، واستريحوا منه، فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع.

فقال الشيخ النجدي: والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حلاوة قوله، وطلاقة لسانه، وأخذه للقلوب بما تسمع من حديثه، والله لئن فعلتم، ثم استعرض العرب، ليجتمعنّ عليه، ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم، ويقتل أشرافكم.

قالوا: صدق والله، فانظروا غير هذا، فقال أبو جهل: والله لأشيرنّ عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد، ما أرى غيره، قالوا: وما هذا؟ قال:

تأخذون من كل قبيلة وسيطا شابا جلدا-قويا-ثم نعطي كل غلام منهم سيفا صارما يضربونه ضربة رجل واحد، فإذا قتلتموه تفرّق دمه في القبائل كلها، فلا أظن أن هذا الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش كلهم، وإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل-الدية-واسترحنا وقطعنا أذاه عنا.

فقال الشيخ النجدي: هذا والله، هو الرأي، القول ما قال الفتى، لا أرى غيره.

فتفرقوا على ذلك، وهم مجمعون له؛ فأتى جبريل النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في بيته تلك الليلة، وأذن الله له عند ذلك في الخروج، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة، يذكّره نعمته عليه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية. هذه أسباب الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.

نزول الآية (٣١):

{وَإِذا تُتْلى}: أخرج ابن جرير الطبري عن سعيد بن جبير قال: قتل النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يوم بدر صبرا (١) عقبة بن أبي معيط‍، وطعيمة بن عدي، والنّضر بن


(١) القتل صبرا: أن يحبس ويرمى حتى يموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>