للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - استحقاق الكانز العقاب الشديد في الآخرة في نار جهنم، مع التوبيخ والتهكم والهم.

أما الحكم الأول: فهو عام للأحبار والرهبان وغيرهم، إلا أنه كان مستقبحا منهم؛ لأنهم يتاجرون في الدين، ويدعون أنهم مقربون إلى الله، وهم أشد الناس حرصا على جمع المال وطمعا فيه، وبخلا به، فجمعوا بين حب المال والجاه. وقد سبق بيان مظاهر أكل أموال الناس بالباطل.

وأما الحكم الثاني: فالمراد به على الصحيح أهل الكتاب وغيرهم من المسلمين؛ لأنه لو أراد أهل الكتاب على التخصيص لقال: ويكنزون، بغير: {وَالَّذِينَ} فلما قال: {وَالَّذِينَ} فقد استأنف معنى آخر يبيّن أنه عطف جملة على جملة، فالذين يكنزون كلام مستأنف، مرفوع على الابتداء، وهذا قول أبي ذرّ وغيره، وعلى هذا القول يكون في الآية دليل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.

أما القولان الآخران فضعيفان، أحدهما-ما نقل عن معاوية أن المراد بالآية أهل الكتاب، والثاني-ما قاله السدّي وهو أن المراد مانعو الزكاة من المسلمين.

قال ابن خويز منداد: تضمنت الآية زكاة العين (أي النقود) وهي تجب بأربعة شروط‍: حرية، وإسلام، وحول، ونصاب سليم من الدين. والنصاب مائتا درهم أو عشرون دينارا (١). أو يكمل نصاب أحدهما من الآخر، وأخرج ربع العشر (٢، ٥%) من هذا، وربع العشر من هذا (٢). أما اشتراط‍ الحرية، فلأن العبد ناقص الملك، وأما اشتراط‍ الإسلام فلأن الزكاة تطهير للمال والكافر ليس أهلا للتطهير، وأما اشتراط‍ الحول

فلأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال فيما رواه الدارقطني عن أنس بن مالك: «ليس في المال زكاة حتى يحول عليه الحول» وأما اشتراط‍ النصاب فلأن

النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال ما معناه فيما رواه


(١) الدرهم العربي ٢، ٩٧٥ غم، والدينار هو المثقال وهو ٤، ٤٥٧ غم.
(٢) تفسير القرطبي: ١٢٤/ ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>