للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة بين الآيات:

ما يزال القرآن يتصدى لما كان عليه اليهود وإن شاركهم فيه غيرهم من المشركين كإنكار تحويل القبلة والنسخ.

كان النّبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي وهو بالمدينة متجها إلى الصخرة التي في المسجد الأقصى ببيت المقدس، كما كان أنبياء بني إسرائيل يفعلون قبله، وظل كذلك ستة عشر شهرا، ولكنه كان يحب استقبال الكعبة ويتمنى ويدعو الله أن يتوجه إلى قبلة أبيه إبراهيم وهي الكعبة، فكان يجمع بين استقبالها واستقبال الصخرة، فيصلي في جنوب الكعبة مستقبلا الشمال، فاستجاب الله له وأمره بالتوجه إلى البيت العتيق، بعد هجرته إلى المدينة، ونزل قوله تعالى: {قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ} [البقرة ١٤٤/ ٢]. وكان أول صلاة صلاها هي العصر، كما في الصحيحين، قال اليهود والمشركون والمنافقون: ما الذي دعاهم إلى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؟ وقالوا: لقد اشتاق محمد إلى مولده، وعن قريب يرجع إلى دينه.

وقد بدئ الكلام بالرّد على اعتراضهم على التحويل قبل وقوعه، معجزة له عليه الصلاة والسّلام، ولقن الله نبيه الحجة البالغة والحكمة فيه، ليوطن نفسه عليه، ويستعد للإجابة، عند مفاجأة التساؤلات. وخلاصة الجواب: أنّ الجهات كلها لله، فلا مزية لجهة على أخرى، ولله أن يأمر بالاتجاه إلى ما يشاء من أي جهة، وعلى العبد امتثال أمر ربه كما قال: {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ، فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة ١١٥/ ٢].

التفسير والبيان:

مهّد الله تعالى لتحويل القبلة في هذه الآيات، وأبان السبب، وقضى على ما علم سبحانه من ظهور اضطرابات عند التحويل، حتى لا يفاجأ المسلمون بشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>