للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخلصين، فأخذ ثلث أموالهم وتصدق بها. {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ادع لهم واستغفر {سَكَنٌ} أي تسكن إليها نفوسهم وتطمئن بها قلوبهم، والسكن في الأصل: ما تسكن إليه النفس وترتاح من منزل وأهل ومال ودعاء وثناء {وَاللهُ سَمِيعٌ} لاعترافهم {عَلِيمٌ} بندامتهم {وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ} يقبلها {التَّوّابُ} صيغة مبالغة، أي يقبل توبة عباده {الرَّحِيمُ} بهم، صيغة مبالغة أيضا.

{اِعْمَلُوا} ما شئتم {وَسَتُرَدُّونَ} بالبعث {إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ} الله {فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} يجازيكم به

سبب النزول:

نزول الآية (١٠٣):

{خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ}:

أخرج ابن جرير عن ابن عباس: أن هؤلاء الذين أطلقهم النبي صلى الله عليه وسلّم من سواري المسجد لما اعترفوا بذنوبهم وتاب الله عليهم، وهم أبو لبابة وأصحابه، جاؤوا بأموالهم، فقالوا: يا رسول الله، هذه أموالنا التي كانت سببا في تخلفنا، فتصدق بها عنا واستغفر لنا، فقال: ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا، فأنزل الله: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً} الآية. فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلّم من أموالهم الثلث. قال الحسن البصري: وكان ذلك كفارة الذنب الذي حصل منهم. وقال جماعة من الفقهاء: المراد بهذه الآية الزكاة المفروضة، وعلى هذا يكون قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ} هو لجميع الأموال والناس، وهو عام يراد به الخصوص في الأموال، إذ يخرج عنه الأموال التي لا زكاة فيها كالديار والثياب (١).

وهذا النص، وإن كان خاصا بالرسول صلى الله عليه وسلّم، وذا سبب خاص، فهو عام يشمل خلفاء الرسول ومن بعدهم من أئمة المسلمين، لذا قاتل أبو بكر الصديق وسائر الصحابة مانعي الزكاة من أحياء العرب، حتى أدّوا الزكاة إلى الخليفة، كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقال الصدّيق: «والله لو منعوني عقالا-أو عناقا-كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأقاتلنهم على منعه».


(١) البحر المحيط‍: ٩٥/ ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>