للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} أي منزل وموحى به من الله لا من غيره، بدليل سلامته عن الاضطراب والاختلاف، كما قال تعالى: {وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ، لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء ٨٢/ ٤].

وبه يتبين أن الله سبحانه وصف القرآن بصفات خمس هي:

١ - لا يصح أن يفتري من دون الله؛ لأن القرآن معجز لا يقدر عليه البشر.

٢ - وهو مصدّق مؤيد لما قبله في أصول الدين والفضائل، ومهيمن عليه، فهو معجز لاشتماله على الإخبار عن المغيبات الماضية والمستقبلة، وهو المراد بقوله: {تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ}.

ومن إخباره عن مغيبات المستقبل التي وقعت مطابقة للخبر: قوله تعالى:

{الم. غُلِبَتِ الرُّومُ.}. وقوله تعالى في فتح مكة: {لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ} [الفتح ٢٧/ ٤٨] وقوله في ظهور الدولة الإسلامية: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} [النور ٥٥/ ٢٤] مما يدل على أن الإخبار إنما حصل بالوحي من الله تعالى.

٣ - وهو مفصّل ما يحتاج إليه الإنسان من الأحكام الشرعية والعلوم الكثيرة الدينية والدنيوية، ففيه علم العقائد والأديان: وهو معرفة الله تعالى (ذاتا وصفات) وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وفيه علم الأعمال وهو علم الفقه، وعلم الأخلاق مثل قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ} [الأعراف ١٩٩/ ٧] وقوله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل ٩٠/ ١٦] وهو المراد بقوله: {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} [يوسف ١١١/ ١٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>