للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

بعد أن أبان الله تعالى قصة نوح مع قومه والعبرة منها، ذكر عبرة أخرى من تاريخ الأقوام مع أنبيائهم، فإنهم لما كذبوا عوقبوا، وكما طبع الله على قلوب هؤلاء فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدم، كذلك يطبع الله على قلوب أمثالهم. فما على أهل مكة وغيرهم إلا الاتعاظ‍ بذلك، وتجنب أسباب تلك العاقبة، من الكفر والتكذيب، وإلا أدى بهم الكفر إلى الحيلولة عن الإيمان وما يتبعه من السعادة.

التفسير والبيان:

ثم بعثنا من بعد نوح رسلا إلى قومهم؛ مثل هود، وصالح، وإبراهيم، ولوط‍، وشعيب عليهم السلام، بالبينات، أي بالمعجزات القاهرة والأدلة والبراهين العقلية والحسية على صدق ما جاءوهم به.

{فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا} أي فما كانت تلك الأقوام لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم، بسبب تكذيبهم إياهم أول ما أرسلوا إليهم، وكما كذب به المتقدمون عنهم من قبل ممن كانوا أمثالهم في سبب الكفر.

والمراد بقوله {مِنْ قَبْلُ} ما كان إيمانهم إلا ممتنعا كالمحال لتصميمهم على الكفر قبل بعثة الرسل، وتكذيبهم كتكذيب قوم نوح، وكأنه لم يبعث إليهم أحد. وعبارة المفسرين في تفسير القبلية متقاربة، فقال بعضهم: قبل بعثة الرسل، وقال آخرون: بما كذب به قوم نوح من قبل.

{كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ} أي كما نختم على قلوب هؤلاء فلا يؤمنوا بسبب تكذيبهم المتقدم، هكذا نختم على قلوب من أشبههم في العناد ممن بعدهم من المعتدين كقومك، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>