للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبّوة يعلوان الملك والحكم والسّلطان، ويقوضان العروش، ويزيلان دعائم الباطل. وهذا هو الفصل الأول من القصة وهو الحوار بين موسى وفرعون.

التفسير والبيان:

هذا هو الفصل الأول من قصة موسى عليه السّلام.

والمعنى: ثم بعثنا من بعد تلك الرّسل موسى وأخاه هارون إلى فرعون ملك مصر وأشراف قومه، أما بقية الناس فهم تبع لهم في الكفر والإيمان، ولذا لم يذكروا.

بعثناهما بآياتنا المذكورة في سورة الأعراف (١) وغيرها، فاستكبروا عن اتّباع الحقّ والانقياد له، وعن الإيمان بموسى وهارون، وكانوا قوما مجرمين أي معتادي الاجرام كفارا ذوي آثام عظام، راسخين في الجريمة والظّلم والإفساد في الأرض.

وأعظم الكبر: أن يتهاون الناس برسالة ربّهم بعد قيام الأدلّة على صحّتها.

{فَلَمّا جاءَهُمُ الْحَقُّ.}. أي فلما جاءهم موسى بالأدلّة الدّالة على الربوبية والألوهية الحقّة، قالوا عنادا وعتوا وحبّا للشّهوات: إن هذا لسحر واضح، قالوا مقسمين على قولهم مؤكدين له بإنّ، واسم الإشارة، واللام في الخبر، والجملة الاسمية. وهم يعلمون أن ما قالوه كذب وبهتان، كما قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا} [النمل ١٤/ ٢٧].

{قالَ مُوسى: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ.}. قال لهم موسى منكرا عليهم وموبّخا لهم: أتقولون للحقّ الواضح البعيد كلّ البعد عن السّحر الباطل: إنه سحر،


(١) وهي السّنون (أعوام الجدب والقحط‍) ونقص الأموال، ونقص الأنفس، ونقص الثّمرات، والطّوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدّم، قال تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ، وَالْجَرادَ، وَالْقُمَّلَ، وَالضَّفادِعَ، وَالدَّمَ، آياتٍ مُفَصَّلاتٍ.. [الأعراف ١٣٣/ ٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>