للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الإصرار والتقليد والجحود؛ وإفساد عقله وجعله مجنونا بواسطة الآلهة.

فقال لهم هود: أشهد الله على نفسي واشهدوا على أني بريء من شرككم ومن عبادة الأصنام، ولا يعني هذا أنهم كانوا أهلا للشهادة، ولكنه نهاية للتقرير، أي لتعرفوا، ولم يقل: إني أشهد الله وأشهدكم، لئلا يفيد التشريك بين الشهادتين والتسوية بينهما، فإن إشهاد الله على البراءة من الشرك إشهاد صحيح ثابت في معنى تثبيت التوحيد، وأما إشهادهم فما هو إلا تهاون بدينهم، ودلالة على قلة المبالاة بهم.

وإذا كنت بريئا من جميع الأنداد والأصنام، أي مما تشركون من دون الله، فإني أعلن ذلك صراحة، فاجمعوا كل ما تستطيعون من أنواع الكيد لي، جميعا أي أنتم وآلهتكم، ولا تمهلوني طرفة عين، إني فوضت أمري كله لله ربي وربكم، ووكلته في حفظي، فهو على كل شيء قدير.

فما من دابة تدب على الأرض أو السماء إلا هي تحت سلطان الله وقهره فهو مصرف أمرها ومسخرها، وهو الحاكم العادل الذي لا يجور، إن ربي على الحق والعدل.

وقد تضمن جوابه الدال على التحدي والمعجزة الباهرة وقلة المبالاة بهم عدة أمور هي: البراءة من الشرك، وإشهاد الله على ذلك، وإشهادهم على براءته من شركهم، وطلبه المكايدة له، وإظهار قلة المبالاة بهم وعدم خوفه منهم ومن آلهتهم. وهذا موقف مشابه تماما لموقف نوح في قوله السابق: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ، ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً، ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ} [يونس ٧١/ ١٠] وقوله: {قُلِ: اُدْعُوا شُرَكاءَكُمْ، ثُمَّ كِيدُونِ، فَلا تُنْظِرُونِ} [الأعراف ١٩٥/ ٧].

{فَإِنْ تَوَلَّوْا.}. أي فإن تتولوا وتعرضوا عما جئتكم به من عبادة الله ربكم

<<  <  ج: ص:  >  >>