للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو تفسير غريب مخالف لرأي الجماهير.

وذلك لأنه لما ولد لإبراهيم إسماعيل من هاجر، تمنّت سارّة أن يكون لها ابن، وأيست لكبر سنّها، فبشرت بولد يكون نبيا، ويلد نبيا، فكان هذا بشارة لها بأن ترى ولد ولدها.

قالت سارّة لما بشرت بالولد: عجبا كيف ألد وأنا عجوز كبيرة شيخة عقيم، وزوجي في سن الشيخوخة لا يولد لمثله، إن هذا الخبر لشيء عجيب غريب عادة.

فأجابتها الملائكة: كيف تعجبين من قضاء الله وقدره، أي لا عجب من ان يرزقكما الله الولد، وهو إسحاق، فإن الله لا يعجزه شيء في الكون وهو على كل شيء قدير: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ} [يس ٨٢/ ٣٦].

فإن رحمة الله الواسعة وبركاته الكثيرة عليكم يا أهل بيت النبوة، وقد توورثت النبوة في نسل إبراهيم إلى يوم القيامة، إنه تعالى المحمود في جميع أفعاله وأقواله، المستحق لجميع المحامد، الممجد في صفاته وذاته، الكثير الخير والإحسان، فهو محمود ماجد.

ثم أخبر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام أنه لما ذهب عنه الخوف من الملائكة حين لم يأكلوا، وبشروه بعد ذلك بالولد، وأخبروه بهلاك قوم لوط‍، وعلم أنهم ملائكة العذاب لقوم لوط‍، أخذ يجادل الملائكة وهم رسل الله في قوم لوط‍، وجعلت مجادلتهم مجادلة لله؛ لأنهم جاؤوا بأمره.

لأن إبراهيم حليم غير متعجل بالانتقام من المسيء إليه، كثير التأوه مما يسوء الناس ويؤلمهم، ويرجع إلى الله في كل أموره، أي أن رقة قلبه وفرط‍ رحمته حملته على المجادلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>