للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظام المعدّ، أو الإضافة أو النقص منه، ويكون المراد أن كل شيء في قبضته وتحت تصرفه، إن شاء أبقاه وإن شاء منعه.

وقال أبو حيان: والظاهر أن قوله {إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ} استثناء من الزمان الدال عليه قوله: {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ} والمعنى إلا الزمان الذي شاءه الله تعالى، فلا يكون في النار ولا في الجنة، ويمكن أن يكون هذا الزمان المستثنى هو الزمان الذي يفصل الله بين الخلق يوم القيامة، إذا كان الاستثناء من الكون في النار والجنة؛ لأنه زمان يخلو فيه الشقي والسعيد من دخول النار أو الجنة.

وأما إن كان الاستثناء من الخلود، فيمكن ذلك بالنسبة إلى أهل النار، ويكون الزمان المستثنى هو الزمان الذي فات أهل النار العصاة من المؤمنين الذين يخرجون من النار، ويدخلون الجنة، فليسوا خالدين في النار؛ إذ قد أخرجوا منها، وصاروا في الجنة. وأما بالنسبة إلى أهل الجنة فلا يتأتى منهم ما تأتى في أهل النار؛ إذ ليس منهم من يدخل الجنة، ثم لا يخلد فيها (١).

{إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} أي يفعل ما يشاء، على وفق علمه ومقتضى حكمته، فهو يفعل بأهل النار ما يريد من العذاب، كما يعطي أهل الجنة عطاءه الذي لا انقطاع له.

ثم ذكر الله تعالى جزاء الفريق الثاني وهم السعداء: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا} أي وأما أهل السعادة وهم أتباع الرسل، فمأواهم الجنة، خالدين فيها، أي ماكثين فيها أبدا، مدة دوام السماء والأرض، بمشيئة الله تعالى، عطاء غير منقطع ولا ممنوع، ولكنه ممتد إلى غير نهاية، كقوله تعالى: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [الانشقاق ٢٥/ ٨٤].


(١) البحر المحيط‍: ٢٦٣/ ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>