للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقصوده: أن هذا أيضا كان مظلوما كما كنت، ثم صار منعما عليه من قبل الله تعالى، كما ترون.

{قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا} أي قد أنعم الله علينا بالاجتماع بعد الفرقة وبعد طول المدة، وأعزنا في الدنيا والآخرة. وفيه إشارة إلى أنه لا وجه لطلبكم بنيامين، لأنه أخي.

{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ.}. أي إن كل من يتقي الله حق التقوى فيما أمر به ونهى، ويصبر على طاعة الله وعلى المحن التي يتعرض لها، فإن الله حسبه وكافيه من كل سوء، ومنجيه من كل مكروه، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا في الدنيا والآخرة. وهذه شهادة من الله بأن يوسف من المتقين الصابرين المحسنين.

{قالُوا: تَاللهِ لَقَدْ.}. أجابوه إعلانا للحق واعترافا له بالفضل، والله لقد فضلك الله علينا، وآثرك بالعلم، والحلم، والخلق، والملك والسعة والتصرف، والنبوة أيضا، وأقروا له بأنهم أساؤوا إليه، وأخطئوا في حقه، وأعلنوا بأنهم المذنبون الخاطئون، الذين لا يعذرون.

وبعد اعتذارهم وإعلان توبتهم صفح عنهم فقال: لا لوم ولا تعيير ولا توبيخ ولا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم، وكذا فيما قبله من الأيام، وخص اليوم بالذكر، لأنه مظنة التثريب والعتاب.

ثم زادهم الدعاء لهم بالمغفرة، فقال: يغفر الله لكم ذنوبكم وظلمكم، وهو أرحم الراحمين لمن تاب إليه وأناب إلى طاعته.

{اِذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا.}. لما عرف يوسف نفسه إخوته، سألهم عن أبيهم، فقالوا: ذهب بصره، أي عمي من كثرة البكاء، فقال لهم بما عرف بالوحي:

اذهبوا بقميصي هذا الذي على بدني، أو المتوارث عن أجدادي وآبائي إبراهيم

<<  <  ج: ص:  >  >>