للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلسان قومك، ليسهل عليهم فهمه وحفظه. وهذا دليل على أن كلّ رسول أرسل بلغة قومه، كما قال تعالى: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ، لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم ٤/ ١٤].

وأراد بالحكم: أنه يفصل بين الحقّ والباطل، ويحكم في الأمور، مبيّنا الحلال والحرام، والشّرائع والأنظمة المؤدية إلى سعادتي الدّنيا والآخرة.

ثم قال تعالى على سبيل الافتراض: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ.}. أي ولئن اتّبعت آراءهم وجاملتهم، كالتّوجّه إلى قبلتهم في بيت المقدس بعد تحويلها إلى البيت الحرام، فليس لك ناصر ينصرك من الله، ولا حافظ‍ ولا مانع يمنع عنك العقاب، وينقذك من العذاب. وهذا تعريض بهم على طريقة: (إياك أعني واسمعي يا جارة) وهو وعيد شديد لأهل العلم أن يتّبعوا سبل أهل الضّلالة، بعد ما عرفوا الدّين الحقّ، وهو أيضا حسم وقطع لأطماع الكفار، وتهييج للمؤمنين على الثبات في دينهم. والخطاب للنّبي صلّى الله عليه وسلّم، والمراد: الأمة.

ثمّ ردّ الله تعالى على طعن المشركين على النّبي صلّى الله عليه وسلّم بتعدّد الزّوجات، فقال:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً.}. أي وكما أرسلناك يا محمد رسولا بشرا، كذلك قد بعثنا المرسلين قبلك بشرا، يأكلون الطّعام، ويمشون في الأسواق، ويأتون الزّوجات، ولهم ذريّة وأولاد، قال تعالى: {قُلْ: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ} [الكهف ١١٠/ ١٨]، و

في الصّحيحين عن أنس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وآكل اللحم، وأتزوّج النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي»، و

روى الإمام أحمد والتّرمذي عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أربع من سنن المرسلين: التّعطّر، والنّكاح، والسّواك، والحناء».

أما تعدّد زوجات النبي بعد سنّ الأربع والخمسين-وهي سنّ تضعف فيه عادة

<<  <  ج: ص:  >  >>