للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضيوف، فقال: {وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ} أي جاء قوم لوط‍ أهل سدوم، حين علموا بأضيافه وصباحة وجوههم، مستبشرين بهم فرحين، أملا في ارتكاب الفاحشة معهم. وهذا جرم فظيع، وأمر مستهجن، ينافي الأعراف والأذواق السليمة من إكرام الغريب والإحسان إليه.

قيل: إن الملائكة لما كانوا في غاية الحسن، اشتهر خبرهم حتى وصل إلى قوم لوط‍. وقيل: إن امرأة لوط‍ أخبرتهم بذلك. وعلى أي حال قال القوم: نزل بلوط‍ ثلاثة من المرد، ما رأينا قط‍ أصبح وجها، ولا أحسن شكلا منهم، فذهبوا إلى دار لوط‍.

فقال لهم لوط‍ جملتين مؤثّرتين، الأولى: {إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ} أي هؤلاء ضيوف، فلا تفضحوني فيهم، أي بارتكاب ما يؤدي إلى العار معهم، والضيف يجب إكرامه، فإذا قصدتموهم بالسوء، كان ذلك إهانة لي.

والثانية مؤكدة للأولى: {وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ} أي وخافوا عذاب الله، ولا تخزون أي ولا تذلوني بإذلال ضيفي، ولا توقعوني في الخزي (أي الهوان) والعار، بالإساءة لهم.

فأجابوه: و {قالُوا: أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ} أي ألسنا قد نهيناك أن تكلمنا في أحد من الناس إذا قصدناه بالفاحشة، ونهيناك أن تضيف أحدا.

فأجابهم {قالَ: هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ} أي قال لوط‍ لقومه مرشدا لهم: تزوجوا النساء اللاتي أباحهن الله لكم، وتجنبوا إتيان الرجال، إن كنتم فاعلين ما آمركم به، منتهين إلى أمري. والمراد ببناته: نساء قومه؛ لأن رسول الأمة يكون كالأب لهم، كما قال تعالى في حق نبينا {النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} [الأحزاب ٦/ ٣٣] وفي قراءة أبيّ: وهو أب لهم.

وقيل: المراد بناته من صلبه، أي التزوج بهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>