للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض منافع النبات المذكورة عقب بيان بعض منافع الحيوانات في الآية المتقدمة، فقال سبحانه: {وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ.}. أي ولكم أيضا عبرة وعظة فيما تشربونه من أشربة متنوعة من ثمرات النخيل والأعناب كالخل والدبس والخمر أو النبيذ المسكر قبل تحريمه، وما تأكلونه من ثمار طازجة على طبيعتها. وهذا دليل على إباحة المسكر قبل تحريمه.

{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً.}. أي إن في تلك الأشربة والمآكل لآية واضحة لقوم يستخدمون عقولهم في النظر والتأمل في الآيات. وذكر العقل هنا أمر مناسب؛ لأنه أشرف ما في الإنسان، ولهذا حرمت المسكرات صيانة للعقول.

والتفاوت في الوصف بين «السكر والرزق الحسن» بوصف الرزق بالحسن في حال أكل الثمرة غير متخمرة دون السكر يؤذن بالتفرقة بينهما وبتقبيح المسكر، ويمهد لتحريم المسكرات، وهي أول آية نزلت تعرّض بالخمر أو المسكر،

وقد روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال عند نزول هذه الآية: «إن ربكم ليقدم في تحريم الخمر».

وهو دليل للجمهور غير أبي حنيفة على التسوية بين المسكر المتخذ من النخل والمتخذ من العنب، ومثله حكم سائر الأشربة المتخذة من الحنطة والشعير والذرة والعسل، كما أوضحت السنة.

قال ابن عباس: السّكر: ما حرّم من ثمرتيهما (النخيل والعنب) والرزق الحسن: ما أحلّ من ثمرتيهما، كالخل والرّب (المربّة) والتمر والزبيب ونحو ذلك (١). وفي رواية عن ابن عباس: السّكر: حرامه، والرزق الحسن: حلاله.

وهذا دليل آخر على أن لهذا العالم إلها قادرا مختارا بعد بيان أدلة إخراج


(١) تفسير ابن كثير: ٥٧٥/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>