للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للآخر: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: فما تقول فيّ؟ قال: أنا أصم، فأعاد عليه ثلاثا، فأعاد جوابه، فقتله، فبلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أما الأول فقد أخذ برخصة الله، وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له» (١).

والخلاصة: أجمع العلماء على أن من أكره على الكفر، فاختار القتل، أنه أعظم أجرا عند الله ممن اختار الرخصة.

ب-لما سمح الله عز وجل بالكفر به-وهو أصل الشريعة-عند الإكراه ولم يؤاخذ به، حمل العلماء عليه فروع الشريعة كلها، فإذا أكره الإنسان عليها لم يؤاخذ بما قال أو فعل، ولم يترتب عليه حكم.

ج‍ -قال القرطبي: أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل: أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته، ولا يحكم عليه بحكم الكفر، هذا قول مالك والكوفيين والشافعي، غير محمد بن الحسن، فإنه قال: إذا أظهر الشرك كان مرتدا في الظاهر، وفيما بينه وبين الله تعالى على الإسلام، وتبين منه امرأته ولا يصلى عليه إن مات، ولا يرث أباه إن مات مسلما. وهذا قول يرده الكتاب والسنة، فإنه مخالف لهذه الآية:

{إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ}.

د-اختلف الفقهاء في طلاق المكره وعتاقه ونكاحه، فذهب الحنفية إلى أن الطلاق ونحوه يلزمه؛ لأن الطلاق يعتمد الاختيار، والإكراه ينفي الرضا ويحقق الاختيار.

وغير الحنفية ذهبوا إلى عدم لزومه، استدلالا

بالحديث المتقدم: «رفع عن أمتي» وحمله الحنفية على رفع الحكم الأخروي وهو الإثم.


(١) الكشاف: ٢١٩/ ٢، تفسير ابن كثير: ٥٨٨/ ٢، تفسير القرطبي: ١٨٨/ ١٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>