للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده على صدره وقال: اللهم طهر قلبه، واغفر ذنبه، وحصّن فرجه، فلم يكن شيء أبغض إليه منه.

وبعد أن أمر سبحانه وتعالى بالرفق في الدعوة والخطاب، أمر بالعدل والإنصاف في العقاب، والمماثلة في استيفاء الحق؛ إذ قد تكون الدعوة سببا في إغاظة الآخرين، وإقدامهم على القتل أو الضرب أو الشتم، فقال سبحانه:

{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا.} ..

أي وإن عاقبتم المسيء أيها المؤمنون، فعاقبوه بمثل جرمه، بلا زيادة ولا تجاوز للحدود. وإن أخذ رجل منكم شيئا، فخذوا مثله، فإن الزيادة ظلم، والظلم لا يحبه الله ولا يرضى به.

وقوله: {عُوقِبْتُمْ بِهِ} إنما سماه الله عقابا على سبيل المشاكلة؛ لأن أصل العقاب المجازاة على الفعل، فالفعل في ابتداء الأمر ليس عقابا.

ثم دعا تعالى إلى الترفع عن العقاب والتسامي عن المقابلة والجزاء بالمثل، فقال: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ}.

أي ولئن صبرتم عن المقابلة بالمثل، وتجاوزتم عن الإساءة، وصفحتم، واحتسبتم الثواب والأجر على ما نالكم من ظلم، فالله يتولى عقابه، والصبر خير للصابرين من الانتقام؛ لأن انتقام الله أشد. فقوله {لَهُوَ} يعود الضمير إلى المصدر في قوله: {صَبَرْتُمْ}. والمراد بالمصدر: إما الجنس أي جنس الصبر خير، وإما صبركم، أي لصبركم خير لكم، فوضع {لِلصّابِرِينَ} موضع لكم ثناء عليهم.

ثم أمر الله نبيه صراحة بالصبر بصفة عامة بعد أن ذكر حسن عاقبته، فقال: {وَاصْبِرْ، وَما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللهِ} أي واصبر على ما أصابك من أذى في

<<  <  ج: ص:  >  >>