للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء في بر الوالدين أحاديث كثيرة، منها

ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم صعد المنبر، ثم قال: «آمين آمين آمين، قيل: يا رسول الله، علام أمّنت؟ قال: أتاني جبريل، فقال:

يا محمد، رغم أنف رجل ذكرت عنده، فلم يسل عليك، قل: آمين، فقلت:

آمين. ثم قال: رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان، ثم خرج، فلم يغفر له، قل: آمين، فقلت: آمين. ثم قال: رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما، فلم يدخلاه الجنة، قل: آمين، فقلت: آمين».

والبر يكون في حال الحياة وبعد الموت أيضا بدليل

ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا جاءه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، هل بقي علي من برّ أبوي شيء بعد موتهما أبرّهما به؟ قال: «نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما».

فإذا كان الوالدان كافرين فللولد أن يدعو لهما حال الحياة بالهداية والإرشاد، وأن يطلب لهما الرحمة بعد حصول الإيمان. أما بعد الموت فقد نهى القرآن عن الاستغفار للمشركين الأموات، ولو كانوا أولي قربى في الآية:

{ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى} [التوبة ١١٣/ ٩]. فيعامل المسلم أبويه الذميين معاملة حسنة إلا الترحم لهما بعد موتهما على الكفر.

ويكفي في العمل بمقتضى هذه الآية طلب الرحمة لهما مرة واحدة؛ لأن ظاهر الأمر للوجوب، وظاهر الأمر لا يقتضي التكرار. سئل سفيان: كم يدعو الإنسان لوالديه؟ أفي اليوم مرة أو في الشهر، أو في السنة؟ فقال: نرجو أن يجزئه إذا دعا لهما في أواخر التشهدات.

<<  <  ج: ص:  >  >>